- 2010/01/31
- خاطرة
- الزيارات: 3٬098
- تعليق واحد
كفاني فخرا
عانقت فيها السكون و لفحات هدوء يلف المكان، أمضيت فيها شبابي بأريج مسك تنثره الطبيعة بجبالها الشامخة و أشجارها الصامدة وسمائها الصافية. لقد كان كل شيء فيها مميزا؛ فبعدا لسماء ملبدة بدخان كثيف يخنق الأنفاس منبعثا من سيارات الغوغاء و مصانع الضوضاء, تقظ المضاجع و تصم الآذان و بعدا لشوارع فخمة و ساحات فسيحة لا تجد موطأ قدمك فيها من كثرة الإزدحام، فتمر منها مرعوبا منهوكا او تجلس فيها خائفا مذعورا من كثرة اللصوص، بعدا لضجيج المدينة وغوغائها. لبؤسها و حوادثها اللتي تكاد لا تنتهي لتلوثها ولازدحامها…
يحق لي الآن أن أعتز بقريتي و ما أحلاها؛ هدوؤها يكفيني لألود فرارا من المدينة و طبيعتها القاسية تغريني، أناسها حد الأنسة في الكون، أبدانهم حرشاء مثل طبيعتهم, تحس الحياة في أعمالهم و تشتهي الإنصات لأحاديثهم…
هنالك يمكن أن نتصور قيمة الحياة و جوهر الأشياء ويحق لك أن تتأمل عظمة الخالق في الطبيعة الخلابة و الجبال الشامخة بدل أن تتأملها في ناطحات السحاب الشاهقة.
أمضيت فيها نيفا من عمري و حين غادرتها أدركت أني انسلخت من الطبيعة و الفطرة إلى التصنع و التكلف, من الهدوء و الإطمئنان الى الشغب و الخوف من الزمان.
غادرتها وصورتها في ذهني تغنيني من زيارة المعارض التشكيلية. غادرتها و نغمات فلكلورها الشجية يتردد صداها في إذني و تغنيني من سماع الموسيقى الصاخبة.
غادرتها و حلاوة ثمارها و فواكهها و ماؤها الآسن يشتاقها فمي إذ عانى المرارة و ملوحة المياه.
غادرتها و في جنبي لوعة تؤلمني من جراء فراق أهلها الطيبين اهل الجود و الكرم.
حقا إن قريتي مدينة التميز بامتياز تماما كما تصور أفلاطون مدينته الفاضلة و كفاني فخرا أن ترعرعت في أحضانها، و لفحت من هوائها، وسرحت في مراعيها، و ترنمت بين فجاجها.
تعليق واحد
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
طبت ابنا باراً لقريتك وأهلها،
شعور جميل أن تلفك قريتك بذاك الفخر ^_^
كن بخير، سلام مني لحروفك برائحة بساتين قريتك
كن بخير وعلى خير خير…
في أمان الله