- 2010/07/01
- ثقافة وفنون
- الزيارات: 5٬511
- التعليقات: 5
متعة الفشل
يظهر من خلال العنوان تناقضا واضحا بين المفردتين المكونتين له؛ فالمتعة تحيل إلى دلالات تتعلق بجو الفرح والسعادة والسرور، في حين يشير الفشل إلى أجواء الخوف والغم والحزن، فكيف يمكن أن تجتمع المتعة بالفشل؟ أوكيف يمكن أن يكون الفشل متعة؟
من المسلمات أنه لا نجاح بدون فشل، ومن الخطأ يتعلم الإنسان الصواب، و”كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون” (سنن الترمذي، صفة القيامة و الرقائق والورع) وبتعبير المفكر الانجليزي الشهير برناردشو فإن شهرتك تزداد مع كل فشل؛ فالفشل هو رصيدنا من التجارب والخبرات التي تؤهلنا لمواجهة الوضعيات المشابهة في المستقبل، ولما كانوا يستهزؤون بالمخترع العظيم أديسون ويقولون له: “لقد حطمت الرقم القياسي في الفشل!!” كان يجيبهم: “لقد توصلت إلى ألف طريقة لا يمكن اختراع المصباح من خلالها، لقد وفرت على نفسي وعليكم ألف طريقة غير ناجحة، فابحثوا في غيرها”…
هكذا هو الفشل، يكسبنا دوما التجربة والخبرة، ويعلمنا أن نستفيد من أخطائنا، وكلما كانت أخطاؤنا كثيرة كان نجاحنا كبيرا ومذهلا، وإن كنت تريد ألا تخطئ فعليك أن تتجنب الممارسة والعمل، واتبع قول القائل: إذا أحسست بأن لديك رغبة في العمل، استرخ قليلاً حتى تزول تلك الرغبة، ولا تنس أن العمل مفيد للصحة، لذلك اتركه دائماً للمرضى…
يقول برناردشو: “الحياة المليئة بالأخطاء أكثر نفعاً وجدارة بالاحترام من حياة فارغة من أي عمل”.
فالأخطاء في حد ذاتها أشياء مفيدة، لأنها تكشف الغطاء عن مطبات كي لا يقع فيها من سيأتي بعد، وأول من تفيدهم هم أصحابها، والفاشلون الناجحون في العالم كثر، وبعد أن ضربت مثلا لهم بأديسون، أضرب لك مثالا ثانيا لعلك تقتنع بكلامي، وهو ل”سيكيرو هوندا” هذا التلميذ الذي فشل في دراسته، فاشتغل في محل لتصليح السيارات عدة سنوات، جمع فيها بعض المال ليفتح لنفسه محلا خاصا به، وبعد كد وجد استطاع فتح مصنع، لكن قنبلة أصابته فشلته عن العمل، لكن هوندا لم يستسلم فأعاد المصنع للعمل، وهذه المرة دمر المصنع تماما بسبب زلزال ضربه…
نهض هوندا من جديد ليؤسس شركة لصنع الدرجات النارية سماها باسمه “هوندا”، وهنا بدأت سلسة النجاحات، فبعد نجاح الدراجة النارية دخل في مغامرة جديدة وهي صناعة السيارات وحقق من النتائج الباهرة الشيء الكثير…
هل تسمع لهذا الرجل إذا حدثك عن الفشل وعلاقته بالنجاح؟؟!
يقول هوندا: “عندما أنظر إلى الوراء، أحس أنني لم أحصد سوى سلسلة من الأعمال الفاشلة، والكثير من الندم، غير أنني في المقابل فخور بما حققته، وعلى الرغم من أنني قمت بالكثير من الأخطاء، واحداً تلو الآخر، لكن ليس هناك خطأ أو فشل تكرر مرتين، لذلك، أؤكد لكم أن النجاح يمثل 1% من عملنا الذي ينتج عن 99% من فشلنا”.
هذا كلام إنسان مجرب، وليس حديثا هلاميا، أو تنظيرا بعيدا عن الواقع، هذه عصارة تجربة ومعاناة إنسانية، وجهود طويلة، وسلسلات من الفشل والنجاح…
ويختم هوندا كلامه بحكمة يهديها لك يقول فيها:” إن من لم يستطع النجاح فذلك لأنه لم يفشل بالقدر الكافى” أي أنك لكي تنجح لابد من أن تفشل، وتفشل بالقدر الكافي…
هل أقول لك كلاما أحسن من هذا كله؟؟ “ومن أصدق من الله حديثا” (النساء:87) “ومن أصدق من الله قيلا”(النساء:122)؟؟؟
يقول الله تعالى: “وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم” (البقرة:216) و”عسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” (النساء:19).
فكم من نقمة في طياتها نعم كثيرة، وكم من محنة اشتملت على منح لاتحصى، والعكس أيضا صحيح، وصدق الشاعر إذ يقول:
قد يُنعــــم الله بالبلـــوى وإن عظمت ويبتلي الله بعض القوم بالنعــــم
فقد يكون الفشل نعمة وخيرا كثيرا، فاستمتع به واحرص على الاستفادة منه، واتبع نصيحة هوندا، بألا تكرر نفس الفشل، ولكن لا بأس بأن تخطئ أخطاء جديدة، فـ “خير الخطائين التوابون” (سنن الترمذي، صفة القيامة و الرقائق والورع)، وهم الذين يكثرون من الأخطاء، إلا أنهم لا يقعون في نفس الأخطاء…
التعليقات: 5
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
يعجبني أنك تناولت الموضوع بطريقة ذكية
دمت بخير
هذه شهادة أعتز بها أخي إدريس
شكرا على إطرائك
طريقة تناولك الموضوع تروقني،
جميل ما أدليت به، كن دوما أقول: سقطتي على الحجارة حتما هي بداية لعدوٍ كبير،ان شاء الله
كن بخير
مرحبا أختي عبير
يسعدني تفاعلك وتواصلك
لك مني كل التقدير
أجل الشكر والتقدير لك فقد استفدت كثيرا