- 2010/07/02
- ثقافة وفنون
- الزيارات: 23٬820
- التعليقات: 4
السلم صناعة الديمقراطية
إن الإنسان في هذا العصر يؤمن بشيء واحد اسمه القوة، لهذا عندما أصبحت القوة في عقيدة العرب والمسلمين وحتى أمريكا، لم يستطيعوا إقامة دولة أساسها الديمقراطية، التي تأتي بالحاكم وتذهب به إلى بيته، دون أن يطارده أحد يريد قتله، هذه هي الديمقراطي. إن إبطال العقل وإتيان القوة يهدم الديمقراطية، ويبطلون دعوة الله عزوجل إلى الصب، فالباحثون عن الديمقراطية في الجبال، وإرسال الشباب لفتك الدماء، لم يعرفوا قراءة القرآن، وهذا يأسف بسبب جهلهم بالقرآن الكريم، فالذي يستعمل القوة يظل تحت رحمة القوة، ولا يستطيع أن يقوم ببناء مجتمع يؤمن بالحق والسلم.
الديمقراطية أساسها السلم وليست القوة، لتقرأ التاريخ الذي يخبرنا، بوجود بصمات هتلر صاحب كتاب (كفاحي)، الذي استعمل القوة، وأباد شعب اليهود، فكان من بينهم، (قالوا ياويلنا إنا كنا طاغين)، وقوم ثمود ( كذبت ثمود)، (فأهلكوا بالطاغية)، وقوم عاد (وعاد بالقارعة)، (فأهلكوا بريح صرصر عاتية) [الحاقة]. وقوم كثر الذين آمنوا بالقوة فكانوا لجهنم حطبا، لأن الأنبياء والرسل لم يأتوا لرفع السيف من أجل تبليغ رسالة ربانية مفادها لا إله إلا الله بل بالسلم، فحتى الرسول محمد (ص) لم يذهب بجيش إلى المدينة المنورة لفتحها، وإنما استقبله الناس (بطلع البدر علينا).
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً) [البقرة] لما أخبر الله عزوجل الملائكة بأنه سيخلق خليفة له في الأرض كان رد الملائكة: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ). أبت الملائكة هذه الخليفة المفسدة والمسفكة للدماء، فقال عزوجل: (قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [البقرة]، فالله يعلم بأن الإنسان الذي سيجعله خليفة له في الأرض سيكون يبحث له عن كل ما ينفعه، فزوده بالعقل ليميز الشر من الخير، ومنحه القدرة على تسيير أموره بنفسه “وقال الرب الإله هو ذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا عارفاً الخير والشر” [تكوين]، بلغة الحوار والتسامح وتقبل الآخر، بعرضه لأفكاره كيفما كانت، في جو يسوده الإحترام بعيدا عن التكبر والطغيان، كما فعل النبي نوح عندما قال لقومه: (يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) [يونس]، فالنبي نوح أدرك بأن لا شيء يأتي بالقوة و إستعمال قوة الجسد.
إستعمل الإنسان العضلات منذ أن ورث الأرض، فقد أخبرنا القرآن الكريم بقصة قابيل الذي قال لأخيه هابيل: (لأَقتلنكَ)، فكان رد هابيل لتهديد أخيه ردا حكيما فقال: (لَئِنْ بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِي إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) [المائدة]، رغم هذا الجواب الذي يذكر برب العالمين، عمد قابيل لقتله أخيه ( فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ )، ثم قال: (يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ) [المائدة]. هنا نستخلص بأن الذي خسر ليس هابيل الذي فقد حياته، بل أخوه قابيل الذي خسر وندم، إذن إن قراءة التاريخ تفيدنا في إصلاح الأخطاء التي ارتكبها الأولون، بطريقة لا تفضي إلى الندم والخسارة.
إن قرارات الحروب التي اتخذت في النصف الأخير من هذا القرن، من حرب كوريا وفيتنام وحرب الخليج الأولى والثانية كانت قرارات غير صائبة، وبدون نتيجة، سوى قتل أناس ليس لهم ذنب، من جراء حكوماتهم التي تقود هذه الحروب المدمرة التي تغرس في قلوب الناس الرعب والكراهية. وهذا كله يجعل أشخاصا يريدون الاستيلاء على الحكم عن طريق العنف، دون مراعاة المجتمع الذي سيحكمه.
التعليقات: 4
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
ذكرتني بحديث درسناه جميعا في الإعدادية، يقول فيه الرسول(ص):”ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب”. فليس القوي من يغلب الآخرين، بل من يسيطر على نفسه..
دمت في آمان الله
بسم الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على خاتم الانبياء و الرسل أما بعد أشكركم على هدا الموضوع الرائع و ان شاء الله موفقين .
أنا حفصة من المغرب، أشكرك كثيرا على هذا البحث. شكرا جزيلا.
ار ان هناك بعض الاخطاء و شكرا