- 2010/11/16
- ثقافة وفنون
- الزيارات: 4٬142
- التعليقات: 3
الذبابيون
أصل هذه التسمية كلام لشيخ الإسلام ابن تيمية جاء فيه:”بعض الناس مثل الذباب لا يقع إلا على الجروح”.
ومعنى هذا أن عددا كبيرا من الناس حينما ينظرون إلى الآخرين وبالخصوص من مخالفيهم لا يرون فيهم إلا النقائص والعيوب، في حين يغضون الطرف عن حسناتهم الكثيرة ومناقبهم الجمة.
هذه الانتقائية تجعل خير الناس إبليسا، وشرهم قديسا، وهي من عيوب تكوين العقل العربي الذي ينتجها ويصدقها ويقتنع بنتائجها.
والمشكلة أن كل الأطراف تتبنى هذه الفكرة وتطبقها في تعاملها مع مخالفيها، وكأنهم قد استوصوا بذلك”أتواصوا به بل هم قوم طاغون”.
بل وحتى أصحاب ابن تيمية-صاحب المقولة- لم يسلموا من هذه الآفة، فكان جديرا بهم أن يوصفوا كغيرهم بذلك الوصف القاسي من إمامهم.
والحق أن مثل هذه المقولات التي يطلقها الزعماء والقادة الروحيون هي من القوانين التي تحكم المجتمعات، لأنها نتيجة تأمل عميق، وعلم دقيق، وخبرة واسعة بواقع الناس ونفوسهم، وآمالهم وتطلعاتهم.
لكن هذه المقولة لشيخ الإسلام هي من أقل مقولاته ترديدا بين تلامذته ومريديه، بل وإن ابن تيمية نفسه قد أصبح عن طريق هذه الانتقائية قديسا عند البعض إبليسا عند غيرهم؛ فقد غدت فتاوى ابن تيمية وآراؤه عند البعض كلاما مقدسا يتعالى على الزمان والمكان، في حين أنه عند البعض مجرد كلام منحول لشيخ متزمت من القرون الوسطى.
الذبابيون لا يتركون أحدا إلا جرحوه؛ إذا قيل لهم: الخليفة أو الحاكم الفلاني صنع وأنتج و شيد، قالوا: طاغية، ظالم، مستبد، دكتاتور…!!!
وإذا سمعوا حديثا عن العالم الفلاني الذي أسلم على يديه الكثير، واهتدى على يديه الكثير قالوا: متصوف، متساهل، باحث عن المال…!!!
وإذا قيل لهم: الصحفي الفلاني مهني صاحب مبادئ، قالوا: شعبوي طالب للجاه والشهرة…!!!
مضى ذلك الزمان الذي كان أحدهم إذا ذكر عنده شخص قال: ومن مثل فلان!؟
فلان صوام قوام…
وإذا سمع عن آخر حديثا، قال: ومن مثله!؟ إنه شجاع في الحق…
وإذا تحدثوا عن ثالث قال عنه: متصدق محب للفقراء …
فلا يذكر أحدا إلا بأجمل صفاته وأحبها إليه..
وأتينا في زمان لا يكاد يسلم فيه مسلم من سهام الناس وسوء أقوالهم
أتى الزمـان بنـوه في شبيبتـه فسـرهم وأتينـاه علـى الهـرم
التعليقات: 3
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
أبدعت يا كاتب المقال
أصفق لك بكل حرارة
شكرًا لك
رحم الله الشيخ ابن تيمية ..
سررت بمرورك أستاذة نوف، وهذا من تواضعكم، فأنتم أهل الكلمة وروادها، ونحن نحاول أن نتعلم منكم، ومرة أخرى تقبلوا عنا أحسن ما عملنا وتجاوزوا عن أخطائنا التي لا حصر لها