- 2011/05/03
- ثقافة وفنون
- الزيارات: 4٬160
- تعليق واحد
السلف.. إبعاد الآخر
“العقل هو أحسن الأشياء توزعا بين الناس؛ إذ يعتقد كل فرد أنه أوتي منه الكفاية، وليس من عادتهم الرغبة في الزيادة، لما لديهم منه”
ديكارت.
عندما كنت أعيش بين السلفيين الذين يكفرون المرأة التي لا تضع الحجاب على رأسها، والرجل الذي يحلق لحيته، عرفت الدين الإسلامي على غير هدى، وقلت ألا إنهم الكاذبون فلا يشعرون، ولا يعقلون.
في الكثير من الأحيان نشعر بأننا على الطريق الصواب، ونؤمن أشد الإيمان بأن أفكارنا التي نسعى أن نغرسها في عقول الآخرين بالقوة أكثر من الإقناع عن طريق الحوار، نكتشف في آخر المطاف بأن هذه الأفكار ماهي إلى سراب، وأحلام نراها في الليل، وفي النهار تمحوها الشمس، إنها قادرة على ذلك، ولعل هذه المشكلة المغروسة في عقولنا، هي المشكل الأساسي الذي جعلنا دائما نحاول إبعاد الآخر، وجعل أنفسنا في مرتبة العقلاء الأتقياء الذين لا يخطئون، وهم يعلمون، أي بعبارة أكثر حدة، نسعى دائما إلى محو الآخر، رغم كونه يكمل وجودنا؛ فوجودي رهين بوجود الآخر، لهذا علينا أن نؤمن به، وهذا لا يعني أن نتخلى عن أفكارنا، بل نحميها، وندافع عنها، وندع مساحة للخطأ، لأن الحقيقة المطلقة لا توجد على الأرض بل في السماوات السبع.
وعدم تقبل الآخر لكونه غير صائب، يجعلنا نحكم على تاريخنا بالموت الحقيقي، لأن تبادل الأفكار مع الآخر يولد أفكارا جديدة، غفلت عنها عقولنا، وبالتالي جعل العقل يتحرك، ويفكر مما يؤدي إلى تنشيط ملكة التفكير التي توقفت منذ مدة عن العمل، وذهبت إلى ساحة مهزلة العقل البشري. إن الإنسان العربي الإسلامي كفر بالآخر، وعاش على أفكاره المتحجرة، طول حياته، وفي آخر حياته يستدرك في غفلة من أمره بأن أفكاره صارت إلى مزبلة التاريخ.
في الاختلاف نعمة، يقول أحد الرحالة الروس: “بعد تجوال طويل في أصقاع متعددة من الأرض، تأكد لي أن كل المضامين متشابهة، الأشكال وحدها متغيرة ومختلفة”. فهل نشهد نهاية التاريخ، والإنسان الأخير.
والمشكلة التي سقطنا فيها هي أنه لابد للآخر أن يموت من أجل أن نحيى نحن.
تعليق واحد
هل لديك تعليق؟
- هل تريد صورة مصغرة بجانب تعليقك؟ يمكنك ذلك من خلال التسجيل في خدمة Gravatar. كما يمكنك الاستئناس بهذا الشرح.
- يرجى التعليق باللغة العربية الفصحى، وباسم مكتوب بأحرف عربية.
صنفان من الناس نعوذ بالله من شرهما الذين يريدون العودة بنا إلى عصر ما قبل المعرفة والتنوير، والذين يريدون أن يلحقونا بالأجنبي نقلده مثل الببغاءات والقرود، الصنف الأول يحملون أفكارا ميتة عفا عنها الزمان، وماتت غير مأسوف عليها، والصنف الثاني يحملون أفكارا قاتلة، ومن حسن الحظ أنها قتلتهم قبل أن ينقلوا العدوى إلينا